تقول إحصائية مرورية سمعت عنها أخيرا أن حوالى 87% من نسبة الحوادث المرورية التي تقع بين المركبات داخل وخارج المدن والمحافظات سببها استغراق بعض قائدي السيارات في مكالمات هاتفية ينشغلون بها عن التركيز الكامل في القيادة لأن جزءا من تركيزهم ينصرف إلى المحادثة الهاتفية فيقع المحذور في جزء من الثانية، وقد ينتج عن ذلك خسائر في الأرواح وإصابات بليغة وإعاقات وتدمير للمركبات وللطرق والأشجار وغيرها من المصائب الناتجة عن حوادث الطرق وإذا صدقت هذه الإحصائية فإن ذلك يعني أن وراء استخدام الجوال أثناء القيادة الكثير من الأهوال، وأن هذا الاستخدام يمثل النسبة العظمى من أسباب وقوع حوادث الطرق وما تجره من مآس وويلات، لأن استخدام الجوال استحوذ على 87% من مسببات الحوادث فلم يبق إلا 13% لبقية العوامل الأخرى، وقد قرأت أيضا أن الانشغال بالحديث الهاتفي أثناء القيادة يشتت الذهن بنسبة تساوي وقد تزيد من تشتته بالنسبة لمن يقود سيارته وهو مخمور، مع العلم أن جميع الأنظمة المرورية في العالم تتشدد ضد من يقود مركبة وهو في وضع غير طبيعي، مع أن تلك الدول لا تحرم بيع وتعاطي الخمور وإنما جاء تشددها مع من يقود مركبة وهو ثمل لما قد يجره فقدانه للتركيز بسبب الخمر من أخطار في حق نفسه وفي حق الآخرين، فإن كان الحديث بالجوال أثناء القيادة له المخاطر نفسها فإن المصلحة تقتضي التشدد مع قائدي المركبات الذين يصرون على استخدام الجوالات وهم يقودون سياراتهم داخل أو خارج المدن والمحافظات وعدم الاكتفاء بالعقوبات الخفيفة اللطيفة ما دام أن مثل هذا السلوك ينتج عنه خسائر في الأرواح والممتلكات ولعل أعجب ما في أحوال الذين يقودون سياراتهم وهم لاهون بالحديث عن طريق جوالاتهم أنك لو استمعت لأحاديثهم لوجدتها أسخف من السخف نفسه، فالغالبية العظمى لتلك الأحاديث إما مع الأصدقاء الذين يسترجعون مع صاحبهم قائد المركبة بعض ذكريات السهرة الفائتة أو مع أم العيال التي نسيت تسليم بعلها قائمة بطلبات المطبخ فلا يحلو لها إلا الاتصال به وهو عائد إلى منزله: هات معك خبزا وقوطة وعصيرات ومر على بياع المنتو ولا تنس أن تشتري من الصيدلية دواء حمادة، فيظل «صاحبكم الطرمبة» يتلقى الطلبات والتعليمات وهو منشغل عن حركة ما حوله وما أمامه من المركبات حتى يدخل تحت «تريلا» محملة بالاسمنت أو الحديد ولا يصحو إلا وهو ملفوف بالضمادات! وما دام الأمر كما ذكر فلا بد من حملة مكثفة لتوعية قائدي المركبات بمخاطر وانشغال بالهاتف الجوال يتبعها جزاءات رادعة ضد المخالفين لا يكون فيها استثناء لأحد «كائنا من كان»!